عاجل

ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل العقبة بالطائرة الماليزية المفقودة؟     5 قتلى على الأقل جراء أعاصير في وسط الولايات المتحدة    صحيفة لوموند الفرنسية: فرنسا خفضت صادراتها الدفاعية لإسرائيل    

كيف نرد على الذين يقولون إنّ الهُجوم الإيراني بالصّواريخ والمُسيّرات في عُمُق الكيان المُحتل كان “مسرحيّةً” ويَضُرُّ بالصّمود الفِلسطيني في قطاع غزة؟.. بقلم: عبد الباري عطوان

2024-04-15

كيف نرد على الذين يقولون إنّ الهُجوم الإيراني بالصّواريخ والمُسيّرات في عُمُق الكيان المُحتل كان “مسرحيّةً” ويَضُرُّ بالصّمود الفِلسطيني في قطاع غزة؟.. بقلم: عبد الباري عطوان

الذين رفضوا، وما زالوا يرفضون الاعتِراف بالمُعجزات التي حقّقتها المُقاومة الفِلسطينيّة في إطار عمليّة “طُوفان الأقصى” المُستَمرّة مُنذ سبعة شُهور، وتُحَقِّق انتصارًا والانتِقال إلى آخر في المُواجهات الشّرسة ضدّ الاجتِياح الإسرائيلي للقطاع، هُم أنفسهم الذين يُشَكّكون بالانتِصار الجديد الذي حقّقه الهُجوم الإيرانيّ التاريخيّ ليلة السبت الماضي من خِلال إطلاق 3600 صاروخ ومُسيّرة على قاعدتين جويّتين في مِنطقة النّقب الفِلسطينيّة المُحتلّة.

نشرح أكثر بالقول إنّ هؤلاء مثلما قالوا إنّ إسرائيل دولة إقليميّة عُظمى ستَسْحَق حركات المُقاومة وتستولي على القطاع في أُسبوعين على الأكثر، كرّروا بكثافةٍ وأكثر من مرّة، على وسائل التواصل الاجتماعي، شُكوكهم في تنفيذ الرّد الإيراني ثأرًا للعُدوان الإسرائيلي على القنصليّة الإيرانيّة في دِمشق، وأدّى إلى استِشهاد سبعة جنرالات على رأسِهم الشّهيد اللواء محمد رضا زاهدي قائد فيلق القدس في سورية ولبنان وفِلسطين.

القيادة الإيرانيّة وعلى لسان المُرشد الأعلى السيّد علي خامئني أعلنت أنّ إيران سترد، والإسرائيليّون سيندمون، وبدلًا من الاعتِراف بخطأ رِهاناتهم استمرّوا في المُكابرة، وقالوا إنّ الرّد هذا “مسرحيّةٌ” وانعِكاسٌ لاتّفاقٍ سِرِّيٍّ أمريكيٍّ إيرانيٍّ مُسبق، بدليل أنه لم يُؤَدِّ إلى مقتل إسرائيلي واحد، بينما ذهب البعض الآخر إلى القول إنّه مُؤامرة للتّعتيم على المجازر الإسرائيليّة في قطاع غزة، وإعادة تحشيد الرّأي العام العالمي خلف دولة الاحتِلال مجددًا.

بدايةً نعود إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين التي قالوا فيها إنّ هذا الهُجوم هو ردٌّ انتقاميٌّ على قصف القنصليّة في دِمشق، وليس لتحرير فِلسطين، أو شن حرب مفتوحة النّهايات مع العدو الإسرائيلي، وأنجز هذا الهُجوم مهمّته، ولن يتكرّر، إلّا إذا بادرت إسرائيل بأيُ ردٍّ عُدوانيّ.

إبلاغ إيران الولايات المتحدة بموعد الهُجوم حتّى لو تم لا يعني، وحسب الخُبراء العسكريين في الغرب، أنّه دَليلُ تواطؤ، بل ربّما يكون دَليلُ ثقةٍ في النّفس، وانعدام الخوف من دولة الاحتِلال، أو الولايات المتحدة حاميتها، التي تبرّأت سريعًا من المُشاركةِ في أيّ ردٍّ إسرائيليٍّ انتقاميٍّ من إيران، لأنّها لا تُريد السُّقوط في المَصيَدة الإسرائيليّة والانجِرار إلى حربٍ إقليميّةٍ مضمونةِ الخسارة في الشّرق الأوسط، في وقتٍ تتعاظم خسارتها في حربِ أوكرانيا، وتزايُد احتِمالات صِدامها مع الصين.

عمليّة “طُوفان الأقصى” الحمساويّة أنهت أُسطورة الرّدع الإسرائيلي، مثلما أنهت الصّواريخ الإيرانيّة التي قصفت قاعدة عين الأسد الأمريكيّة في العَراق ثأرًا لاغتِيال الشّهيد قاسم سليماني مطلع عام 2021، قُوّة الرّدع الأمريكيّة وأسقطت هيبتها كقُوّةٍ عُظمى، ومهّدت لتِكرار سيناريو الهُروب الكبير من كابول.

تَعاطُف الرّأي العام العالمي مع أهل قطاع غزة بسبب حرب الإبادة الإسرائيليّة التي أدّت إلى استِشهاد 34 ألف من أهله مُعظمهم من النّساء والأطفال، وإصابة مِئة ألف آخَرين وتدمير أكثر من 88 بالمِئة من منازل القطاع، هذا التّعاطف لن يتوقّف، ويذهب إلى إسرائيل مجددًا، لأنّ الهُجوم الإيراني الذي استهدف قاعدتين جويّتين عسكريّتين إسرائيليّتين في النّقب لم يتمخّض عن مقتل مدني أو طفل إسرائيلي واحد، ممّا يُظهر الفارق الإنساني والأخلاقي الكبير بين إسرائيل الديمقراطيّة الوحيدة ومُمثّلة الغرب في المِنطقة، والدّولة الإيرانيّة وأذرعها العسكريّة المُحاصَرة أمريكيًّا وغربيًّا مُنذ أكثر من أربعين عامًا.

الهُجوم الثأريّ الإيرانيّ يُعزّز المُقاومة الفِلسطينيّة في قطاع غزة، ويُوَجِّه ضربةً قويّةً لدولة الاحتِلال المُعتدية، ويُؤكّد عمليًّا أنّ غزة ليست وحدها، وإنّ واحدة من أكبر القِوى الإسلاميّة تقف في خندقها، وتملك الجُرأة للرّد على دولة الاحتِلال وردعها وتأديبها، ولا ننْسى في هذه العُجالة تذكير البعض بأنّ جميع الصّواريخ والأسلحة التي تستخدمها المُقاومة الفِلسطينيّة في القطاع جاءت من إيران، ولم تُرسل جميع الدول العربيُة، باستِثناء سورية، أيّ رصاصةٍ لدعمِ هذه المُقاومة.

إنّ هذا الصّمود الفِلسطيني، والمُقاومة الشُّجاعة في قطاع غزة، والهُجوم الإيراني الأخير، كلّها تعكس تَحَوُّلًا استراتيجيًّا جذريًّا في مِلف الصّراع العربي الإسرائيلي، وبِما يُغيّر كُل مُعادلات القُوّة لمصلحة محور المُقاومة لأوّل مرّة مُنذ 75 عامًا من الاحتلال والهوان العربيّ والإسلاميّ.

أي رد إسرائيلي عسكري على الهُجوم الإيراني الأخير الذي انطلق من الأراضي الإيرانيّة قد يكون بداية النّهاية لدولة الاحتِلال، لأنّ مُُفاجآت كبيرة جرى إعدادها على نارٍ هادئة ستكون في انتِظارِ نتنياهو ومُستوطنيه، وسيكون الرّد أقوى بأضعاف من الرّد الثأريّ الأخير لشُهداء القنصليّة في دِمشق، فإسرائيل وجيشها ومُخابراتها التي فشلت في هزيمة فصيل اسمه “حماس” وأشقّائه في الفصائل الأُخرى مِثل “الجهاد الإسلامي” و”كتائب المُجاهدين” في حربٍ وضعت كُل ثقلها فيها على مدى ستّة أشهر وبدعمٍ أمريكيٍّ مُباشر، هل تستطيع هزيمة دولة إقليميّة عُظمى مِثل إيران؟

الإجابة على هذا السُّؤال مكتوبة على حائط جبهات القِتال في غزة، وقريبًا في رفح التي يتهرّب نتنياهو من خوض معركتها خوفًا ورُعبًا.. والأيّام بيننا.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account