أسرار تركية وخليجية تتكشف.. بقلم بسام أبو عبد الله


أسرار تركية وخليجية تتكشف.. بقلم بسام أبو عبد الله

 

عندما أطلق سيئ الذكر وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم تصريحاته قبل فترة حول أخطاء قطر في سورية، كان يحاول اتهام الجميع بما فيهم الولايات المتحدة، وأراد أن يقول: «إننا جميعاً عملنا بأوامر أميركية»، وإن قطر كانت تُنفذ ما يطلب منها ضد سورية، ولكنها ليست الوحيدة المتورطة في دعم الإرهاب، وتمويله، فالجميع عمل في غرف عمليات واحدة في الشمال، والجنوب، وكان يُنفذ ما يطلب منه أميركيا وإسرائيلياً من خلف الكواليس، ومن أمامها.
فالهدف واضح وهو تعزيز أمن إسرائيل الإستراتيجي عبر تفتيت وإضعاف محيطها في سورية، والعراق، وصولاً إلى إيران واليمن، والأهم تدمير قدرات المقاومة في لبنان التي تنظر إسرائيل إليها على أنها «الخطر الإستراتيجي الداهم»، والأمر لا يقتصر على القدرات العسكرية إنما الخشية من انتشار ثقافة المقاومة في العالم العربي والإسلامي، ولهذا كان الهدف الأساسي لما سمي «ربيعاً عربياً» هو مذهبة الصراع في المنطقة بعد انتصار تموز عام 2006 الذي ألهب حماسة الشارع العربي والإسلامي، وقدم أنموذجاً للمقاومة كشف عجز وكذب الأنظمة الرسمية العربية تجاه قضية فلسطين، والتي ازدادت وقاحة مع أحداث الأقصى الأخيرة.
ما نكتشفه كل يوم من الأسرار هو كبير وكثير، وما فضائح مشيخات الخليج، وحملاتها الإعلامية بعضها ضد بعض واتهام كل طرف الآخر بالعمالة لإسرائيل والمشروع الصهيوني إلا تأكيد جديد على أن القاسم المشترك بين هؤلاء هو إسرائيل، والمنظمات الصهيونية، ولوبياتها الفاعلة في أميركا.
من جانب آخر شكل الصراع الدموي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وشريكه في الحكم فتح الله غولين الذي انتهى بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز 2016، باباً واسعاً لكشف الأسرار، والفضائح، والاتهامات المتبادلة، ومنها مثلاً ما نشره الكاتب التركي تامر قرقماز في صحيفة «يني شفق» الناطقة بلسان الحزب الحاكم في تركيا تحت عنوان «إسرائيل ومنظمة غولين»، حيث أشار إلى أن غولين، وبعد حادثة سفينة مرمرة التي أودت بحياة مواطنين أتراك على يد القوات الإسرائيلية قال لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن إسرائيل لا يجوز أن تلام، وإن تركيا هي من يتحمل المسؤولية، وقال قرقماز إن إسرائيل متورطة في هجوم منظمة حزب العمال الكردستاني على الجيش التركي في إسكندرون، وهو الهجوم الذي أدى لمقتل سبعة جنود أتراك، ونفذ في اليوم نفسه الهجوم على سفينة مرمرة أي «31 أيار 2010».
ويكشف قرقماز، نقلاً عن إمام سابق في حركة غولين اسمه حياتي كوتشوك كان مقيماً في جورجيا، قوله في برنامج تلفزيوني قبل عامين: إن «جماعة غولين، ومنظمة حزب العمال الكردستاني تتعاونان سراً منذ عامي 2005- 2006»، وإن غولين لم يقل كلمة واحدة ضد إسرائيل طوال حياته، على حين أن رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان كان يتبنى ويدعم قضية فلسطين، فإن غولين كان يحظر على أعضاء جماعته الحديث ضد إسرائيل في بيوتهم وحتى غرف نومهم!
ويتابع كوتشوك: «نتيجة لذلك أصبحنا في حركة غولين معادين لكل من يعادي إسرائيل في تركيا، ونحن لا نريد ما لا تريده إسرائيل، كما أن كل الضباط ذوي الارتباط بالحركة كانوا يذهبون لإسرائيل للتدريب، وإقامة غولين في أميركا وتمويله كانا مدعومين من اليهود»!
كما أشار قرقماز إلى الدعم الصهيوني لغولين، إذ كشف أن السفير الأميركي السابق في تركيا (1989- 1991) مورتون ابراموفيتش هو الذي أمن لغولين لقاء بابا الفاتيكان في 9 شباط 1998، ولكن بعد لقائه ابراهام فوكسمان رئيس منظمة مكافحة التشهير، وهي منظمة يهودية معروفة، وفي 31 كانون الثاني 1998 أشاد فوكسمان بغولين خلال مقابلة له مع صحيفة «زمان».
أما الأهم فهو كشف قرقماز أن قائد القوات الجوية التركية السابق آكين أوزتورك، والذي كان واجهة محاولة الانقلاب ضد أردوغان كان الملحق العسكري التركي في تل أبيب بين 1996- 1998، وخلال وجوده هناك انضم إلى المنظمة الماسونية، وأصبح عضواً فيها خلال عمله في إسرائيل، ليكشف الصحفي قرقماز أن فتح الله غولين انضم للمحفل الماسوني منذ أن كان في إزمير عام 1975.
طبعاً ما من شك أن هناك الكثير من الأسرار، والخفايا التركية الخليجية خلال هاتين السنتين، جزء تكشف نتيجة فشل مشروعهم في سورية الذي سخروا له إمكانات هائلة والجزء الآخر نتيجة الصراع، وتضارب المصالح بينهم: الصراع القطري السعودي، صراع أردوغان مع غولين، الصراع التركي القطري ضد السعودية وحلفائها، ولكن المشترك بين كل ذلك الأصابع الإسرائيلية الماسونية والصهيونية التي تعبث في هذه المنطقة، وتلعب دوراً واضحاً في تصنيع الشخصيات والقادة، وعندما ينتهي دورهم أو صلاحيتهم تجري عمليات تصفيتهم.
السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان أنصار أردوغان يعرفون كل هذه الأسرار عن غولين، فلماذا قبلِه أردوغان شريكاً له في الحكم وقام بالشراكة معه بتصفية كل القوى الوطنية القومية التي كانت تعارض مشروع الشرق الأوسط الكبير بدءاً من احتلال العراق عام 2003.
وإذا كان أردوغان يعرف ماضي غولين وماسونيته، وعلاقته باللوبي الصهيوني، فلنعد قليلاً إلى الماضي ولنكتشف أن أردوغان نفسه مر بالطريق نفسه، والمسار ذاته كي يصل لحكم تركيا، وهو ما يكشفه الكثير من الوثائق.
السؤال الآخر هل أدرك أردوغان نهاية طريق العمالة للمشاريع غير الوطنية، وضآلة قدرته على فعل شيء خارج إطار الدور المرسوم له ضمن المشروع الكبير، وبالتالي فإن محاولاته للعب دور خارج إطار ذلك ولحسابه سينتهي المآل به كغيره ممن قضوا على هذا الطريق مثل رئيس الوزراء التركي الأسبق عدنان مندريس، وشاه إيران، وغيره الكثرون.
أما الأهم بالنسبة لنا في كم الأسرار الذي يتكشف، فهو أن من يستقوي بالخارج من دون سند داخلي فمآله نهاية محتومة، ما لم يقلب الطاولة عليهم، ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه، فأردوغان كما قال داعموه في واشنطن ومنظماتها الصهيونية: رجل ميت يمشي على قدمين، ولم يبق حسب رأيهم سوى سحب «فيش» جهاز الإنعاش الذي هو بيدهم فقط.
راقبوا معي وضع أردوغان قبل عشر سنوات كنجم ساطع في أوروبا والغرب، ووضعه الآن في المحيط والعالم.
المطلوب: قلب الطاولة، قبل أن تتكسر على رأسه، لأن هامش المناورة انتهى حسب رأي الكثيرين.

Copyrights © assad-alard.com

المصدر:   http://www.assad-alard.com/detailes.php?id=346