التغير المناخي.. خرائط الفيضانات تتوقع ارتفاع خسائر الولايات المتحدة


كشف تقرير عن أن تكلفة أضرار الفيضاناتآخذة في الارتفاع بنسبة 26% في العقود الـ3 المقبلة بسببالتغير المناخيوحده.

جاء ذلك حسب تحليل خرائط مخاطر الفيضانات الجديدة، الذي شارك في إعداده 4 باحثين من عدّة جامعات، ونشرته شبكة "ذا كونفرسيشن" الإعلامية الأسترالية، مؤخرًا.

وأفاد التحليل أن التغير المناخي يزيد منمخاطر الفيضاناتفي الأحياء السكنية في جميع أنحاء الولايات المتحدة بوتيرة أسرع بكثير مما يدركه كثير من الناس، كما إن المدن الساحلية مثل بورت آرثر بولاية تكساس، معرّضة لمخاطر الفيضانات المتزايد خلال هبوب العواصف.

وأوضح أن السكان لايزالون يبنون مساكنهم في مناطق شديدة الخطورة على الرغم من الفيضانات المدمرة الأخيرة، مشيرًا إلى أن الزيادة في خسائر الفيضانات فيالولايات المتحدة ستكون أعلى بـ4 أضعاف من تأثير المناخ فقط، مع أخذ النمو السكاني في الحسبان.

وقد طوّر فريق الباحثين خرائط متطورة لمخاطر الفيضانات الناجمة عن التغير المناخي، إذ تُظهِر البيانات تقديرات المخاطر المحلية التي من المحتمل أن تعرضها المواقع العقارية الإلكترونية.

وتعرض نتائج التحليل التكاليف الباهظة للفيضانات، وتكشف عن عدم المساواة في صفوف ضحايا مشكلة الفيضانات المدمرة في أميركا، وأهمية تغيير أنماط التنمية القائمة.

دور التغير المناخي

تُعدّ الفيضانات أكثر الكوارث الطبيعية تكرارًا وتكلفة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن ترتفع تكاليفها بارتفاع درجة حرارة المناخ، وتشير القياسات ونماذج الحاسوب والفيزياء الأساسية، على مدى عقود من الزمن، إلى زيادة هطول الأمطار وارتفاع مستوى سطح البحر.

ويؤدي ارتفاع حرارة المناخ إلى ارتفاع مستويات سطح البحر وزيادة العواصف، إضافة إلى ذوبان الجليد على اليابسة وتوسّع مياه المحيطات.

ونتيجة ارتفاع درجة حرارته، يحتفظ الغلاف الجوي بنسبة 7% أكثر من الرطوبة مع كل درجة مئوية زائدة، ما يعني توفر كمية كبيرة من الرطوبة تتساقط على شكل مطر، وزيادة مخاطر الفيضانات الداخلية.

خرائط مخاطر الفيضانات

لم تقدّم الجهود السابقة الرامية إلى ربط التغير المناخي بنماذج الفيضانات سوى رؤية واسعة للتهديد، ولم توفر مقاييس موثوقة للمخاطر المحلية، على الرغم من أنها قد توضح الاتجاه العامّ للتغيير.

وتواجه معظم خرائط الفيضانات المحلية، مثل الخرائط التي تنتجها الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (إف إي إم إيه)، مشكلة مختلفة: فهي تستند إلى التغييرات التاريخية بدلاً من دمج المخاطر المستقبلية، عدا عن أن الحكومة بطيئة في تحديثها.

وتوضح الخرائط الجديدة، التي أعدّها فريق الباحثين الـ4، الفيضانات القادمة من الأنهار والأمطار والمحيطات -الآن ومستقبلًا-في أنحاء الولايات المتحدة المتجاورة بأكملها.

وتُظهر الخرائط الجديدة بمقاييس تُظهر التأثيرات من شارع إلى شارع، وعلى عكس خرائط الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، فهي تغطي فيضانات بأحجام مختلفة، بدءًا بالفيضانات الضارة، التي قد تحدث كل بضع سنوات، إلى الكوارث التي تحدث مرة واحدة في الألفية.

شركات النفط تُخّلي منصاتها البحرية قبل وصول إعصار دلتا لخليج المكسيك.

وزيرة الطاقة الأميركية تحمّل التغير المناخي مسؤولية كارثة مبنى فلوريدا.

وبينما تُظهر خرائط المخاطر الأماكن التي قد تحدث فيها الفيضانات فقط، فإن التحليل الجديد للمخاطر يجمع ذلك مع بيانات كُتّل المباني في الولايات المتحدة لفهم الضرر الذي يحدث عندما تضرب مياه الفيضانات المنازل والشركات.

تجدر الإشارة إلى أن التحليل الجديد لخرائط مخاطر الفيضانات يُعدّ أول تحليل تمّ التحقق من صحّته لمخاطر الفيضانات الناجمة عن المناخ في الولايات المتحدة، حسبما نشره موقع شبكة "ذا كونفرسيشن" الإعلامية الأسترالية.

أثر النمو السكاني

يمثّل تزايد عدد السكان عاملًا مهمًا في مخاطر الفيضانات، إذ يبني الناس مساكنهم في مناطق شديدة الخطورة، بفضل توسُّع المناطق الحضرية، وامتداد سهول الفيضانات الحالية، المعرضة لخطر الفيضانات، حتى في المناخ المستقر.

وقد أدى هطول الأمطار القياسي، خلال إعصار هارفي في عام 2017، إلى تسرّب مخزونات مياه للأحياء السكنية وغمر المنازل التي بُنِيَت في مناطق الفيضانات، وتعيد المجتمعات في مدينة هيوستن البناء في المناطق الخطرة مجدّدًا.

التكلفة السنوية للفيضانات في أميركا

قدّر تحليل خرائط مخاطر الفيضانات الجديدة، الذي نشرته شبكة "ذا كونفرسيشن" الإعلامية الأسترالية، أن التكلفة السنوية للفيضانات، حاليًا، تزيد عن 32 مليار دولار على الصعيد الوطني، مع عبء ضخم على المجتمعات في حوض أبالاتشيا وساحل الخليج والشمال الغربي.

وعند دراسة التركيبة السكانية، وجد الباحثون الذين أعدّوا التحليل، أن مخاطر الفيضانات اليوم تتركز في الغالب في المجتمعات الفقيرة، التي يقع العديد منها في مناطق منخفضة على السواحل أو وديان مجتمعات الأبلاش المعرضة لخطر هطول الأمطار الغزيرة.

وتقع زيادة المخاطر، نتيجة وصول ارتفاع المحيطات إلى مناطق أبعد في الداخل خلال العواصف والمد والجزر، طوال الـ30 عامًا المقبلة، بشكل متفاوت، على المجتمعات التي تضم أعدادًا كبيرة من الأميركيين من أصل أفريقي على سواحل المحيط الأطلسي والخليج.

في المقابل، تضمّ المناطق الحضرية والريفية الممتدة من تكساس إلى فلوريدا إلى فيرجينيا مجتمعات يغلب عليها السكان السود، ومن المتوقع أن تشهد زيادة بنسبة 20% على الأقلّ في مخاطر الفيضانات على مدار الـ30 عامًا المقبلة.

جدير بالذكر أن المجتمعات الفقيرة لم تشهد قدرًا كبيرًا من الاستثمار في التكيف مع الفيضانات أو البنية التحتية، ما يجعلها أكثر عرضة للخطر.

التغير المناخي يهدد 30% من المنشآت الكيميائية لأمريكا.

علاوة على ذلك، تتعارض البيانات الجديدة، التي تعكس تكلفة الضرر، مع المفهوم الخاطئ الشائع بأن مخاطر الفيضانات، التي تتفاقم بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، تتركز في المناطق التي تقطنها غالبية من السكان البيض الأثرياء.

في عام 2018، غمر إعصار فلورنسا والعواصف والأمطار الغزيرة البلدات الواقعة على نهر نيوس بولاية كارولينا الشمالية على بعد أميال عديدة من ساحل المحيط.

وتثير النتائج التي توصّل إليها فريق الباحثين أسئلة بشأن سياسة التعافي من الكوارث؛ إذ تقدّم مساعدات الكوارث الفيدرالية الحالية العون إلى السكان الأثرياء، في إشارة إلى أنه بدون شبكات الأمان المالي، يمكن للكوارث أن تتحول إلى ضغوط مالية أو تفاقم مشكلات الفقراء.

وتؤكد النتائج مدى أهمية استخدام الأراضي وقوانين البناء عندما يتعلق الأمر بالتكيف مع التغير المناخي وإدارة الخسائر المستقبلية من زيادة التغيرات المناخية الجوهرية.

وستتطلب حماية السكان والممتلكات إبعاد السكان الحاليين عن مواقع الضرر ووقف عمليات البناء الجديدة في المناطق المعرّضة لخطر الفيضانات.


 

Copyrights © assad-alard.com

المصدر:   http://www.assad-alard.com/detailes.php?id=34