عاجل

مياه الشرب تهدد الأميركيين بـ"أمراض خطيرة"    هل زودت تركيا إسرائيل بالمعلومات لصد الهجوم الإيراني ؟    الميادين: نيران من لبنان باتجاه هدف عسكري في محيط عرب عرامشة    

نعيق البوم والغربان لا يمكن أن يغطي على زقزقة العصافير.. بقلم محمد ابو زيد

2022-02-13

نعيق البوم والغربان لا يمكن أن يغطي على زقزقة العصافير.. بقلم محمد ابو زيد

يقولون الإنسان في الطور الأخير من حياته يتحول إلى طفل ..وهكذا النظام الرأسمإلى الذي بدت ملامح شيخوخته واضحة وجلية ، وبدأ في التعبير عن تلك الشيخوخة بارتكاب نفس الأفعال _ الجرائم التي ارتبطت بطفولته . فعاد إلى أسإلىب اللصوصية المباشرة والسلب والنهب بشفافية كاملة.

فالعقلانية والرشد التي انتابت هذا النظام عقب الحربين العالميين اللذين عكسا عدوانيه مؤسسيه تجاه بعضهم البعض ، قد تجلت في منح الاستقلال السياسي لأغلب دول العالم في آسيا وإفريقيا ، واستبدال آلىات النهب المباشر لموارد تلك البلدان بآليات اكثر تحضرا عبرت عنها منتجات بريتون وودز ( البنك الدولي _ وصندوق النقد الدولي ) ، وإليه إغراق الدول المستقلة حديثا في مستنقع المديونية لإفراغ الاستقلال السياسي من مضامينه ليصبح مجرد ( علم ونشيد وحكومة ) ..وإيجاد آليات شكلية لفض المنازعات الدولية ...ولكن الأزمات الدورية والبنيوية في هياكل الاقتصاديات الرأسمإلية المتقدمة دفعت بها إلى التخلي عن تلك العقلانية والعودة لمرحلة الهمجية الاستعمارية.

ففي مرحلة بناء اقتصادياته قام بتحويل الإنسان إلى سلعة حيث تم نضح أكثر من مائتي مليون إفريقي عبر تجارة الرقيق الشائنة إلى اوربا والأميركتين ...وبعد ان أستكمل بناء اقتصادياته وبدأ في التخطيط لمرحلة الاستعمار لمد مصانعه بما تحتاجه من ثروات الشرق ، قام بإلغاء الرق ليحافظ على القوي العاملة في البلدان التي سيتم استعمارها لتقوم بإنتاج ما تحتاجه اقتصادياته...

ما نعيشه الآن هي مرحلة استعمارية متكاملة ودعكم من العناوين والشعارات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب فذرائع الحقبة الاستعمارية منذ أواخر القرن ١٨ تتكرر ..فكل استعمار لجزء من العالم تم إستباقه بذريعه ، وعنوان يعكس حقيقة اخلاقيات النظام الرأسمإلى بإنحطاطه البالغ .. فباسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان يستبيحون الأوطان والإنسان والموارد .. ويجدون للأسف بعض من أبناء البلدان المستهدفة الذين يصدقونهم وينساقون وراء شعاراتهم ، بل ويجندون أنفسهم لخدمة مشاريعهم...

ولسنا بحاجة إلى التدليل على أن الوطن العربي يحتل مركز الصدارة في مشاريعهم الاستعمارية لما يحتوي عليه ويحظى به ، من ثروات ، وموقع فريد ، ومركزا لحضارات العالم القديم ، ومكانة روحية لنزول كل الديانات السماوية على أرضه ..وكان زرع الكيان الصهيوني في ارض فلسطين إعلاناً سافراً بإبقاء الوطن العربي مستهدفا ، ومحكوما عليه بالحروب ومحاولات الهيمنة...

ففي العام ١٩٥٧ لم يكن في تركيا رجب طيب اردوغان ولكن كان عدنان مندريس العلماني موجوداً ، ولم يكن هناك الحمدين في قطر ، ولكن كان نوري السعيد في العراق ، ولم يكن الرئيس بشار ولا البعث موجوداً في سورية .. ولكن كان سورية موجودة ، وأهدافهم الاستعمارية موجودة ...أما العنوان الذي اتخذوه لضرب سوريا عسكرياً هو ما أعلنه مندريس : الحيلولة دون سقوط سورية بيد الشيوعيين ...يومها كان الوعي العربي بقيادة ناصر العظيم الذي دفع بلوائين قتاليين من الجيش المصري حملهم الأسطول البحري المصري إلى اللاذقية ، كفيلاً بلجم من تحرشوا بسورية...

لذا يبدو سخيفاً أن يضع البعض التاريخ وراء ظهره ، ويغض الطرف عن العملية الاستعمارية التاريخية التي لم تتوقف منذ قرنين من الزمان ، ويستخفون بنا بالحديث عن نظام سياسي واستبداد ...الخ تلك الهرطقات السخيفة..

ولن ينجو من تلك الهجمة الاستعمارية سوي من يؤمن بحتمية المقاومة ، ويسدد فواتيرها بسخاء ..ورغم ما تعرضت وتتعرض له سورية من حرب عالمية ، فإن صمودها لمدة عشر سنوات وقدرة جيشها العظيم على الصمود في حرب طالت أكثر مما استغرقته الحرب العالمية الأولى والثانية على إمتداد خريطة الوطن ، وهي حرب نظامية في شق منها ، وحرب عصابات في شقها الأكبر ضد دول وضد جماعات تجاوزت في خستها وإنحطاطها المغول والتتار ..ونستطيع أن نقول وبإطمئنان انه بفضل هذا الجيش العظيم وحاضنته الشعبية تجاوزت سورية عنق الزجاجة وباتت قاب قوسين أو أدنى من النصر...

ونكرر بأنه لن يفلت من هذه الحملة الإمبريإلىة سوى من قاوم ...أما من تخيلوا ان انغماسهم في تلك اللعبة القذرة ضد سورية سيجنبهم الويلات فإنّهم أغبياء وواهمون..

زقزقة العصافير في حدائق سوريا وبساتينها أعلى بمراحل من نعيق البوم والغربان..


 


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account