عاجل

مياه الشرب تهدد الأميركيين بـ"أمراض خطيرة"    هل زودت تركيا إسرائيل بالمعلومات لصد الهجوم الإيراني ؟    الميادين: نيران من لبنان باتجاه هدف عسكري في محيط عرب عرامشة    

المقاومة الاقتصادية حاجة لبنانية للدفاع عن النفس. فما هي أركانها؟ .. بقلم العميد د. أمين محمد حطيط

2020-07-10

المقاومة الاقتصادية حاجة لبنانية للدفاع عن النفس. فما هي أركانها؟ .. بقلم العميد د. أمين محمد حطيط

بعد ان باتت مكشوفة خطة أميركا التي تستهدف لبنان عدوانا عليه من اجل الإطاحة بمكتسباته التي حققها بصموده ومقاومته التي حررت الأرض في الجنوب وأقامت توازن الردع الاستراتيجي مع العدو الإسرائيلي ووفرت الحماية الفاعلة لثرواته الطبيعية من ماء ونفط، بعد ان اتضحت معالم تلك الخطة باعتبارها تقوم على سلسلة من حلقات تبدأ بالحصار والتجويع وتمر بالفتنة والاقتتال الداخلي وتنتهي بعدوان إسرائيلي يشترط لتنفيذه النجاح في المراحل السابقة أي فرض التجويع ونشر الفتن والاقتياد إلى الحرب الأهلية.

بعد كل هذا أضحى الدفاع عن لبنان ومنع العدوان الإسرائيلي عليه وقبله منع الفتنة والاقتتال فيه، يبدا بمنع التجويع، وباتت مسالة تحقيق ما يحتاجه الناس من اجل معيشتهم من سلع وخدمات، واجبا وطنيا يندرج في إطار تحقيق الأمن والسلامة العامة، باعتبار ان الأمن الغذائي والأمن المعيشي هو في الأصل فرع من فروع الأمن العام أما مع وجود خطة عدوان خارجي تستند إلى هذا العنصر وتتوسل الأخلال بالأمن الغذائي للنيل من لبنان، فقد بات تحقيق الأمن. هذا يشكل وجها من وجوه الدفاع.

و بهذا يجب ان تفهم دعوة الأمين العام لحزب الله لممارسة المقاومة الاقتصادية عبر تحويل التهديد بالجوع و العوز و الفاقة، إلى فرصة يستغلها لبنان يحول من خلالها اقتصاده من اقتصاد ريعي واهن يقوم على الخدمات إلى اقتصاد قوي متماسك يقوم على الإنتاج ، اقتصاد تكون عماده الزراعة و الصناعة التي يتحكم بمسارها اللبناني ذو الخبرة و الكفاءة و القادر على استغلال أرضه في الزراعة و أمواله و كفاءاته في الصناعة استغلالا  يمكنه من تحويل وجهة توفير السلع و استبدال المصادر الخارجية لها التي تهدر الأموال الصعبة إلى مصادر داخلية تحقق له  اكتفاء ذاتيا يبقي العملة الصعبة  في الداخل في مرحلة أولى ثم يتطور إلى التصدير ليصبح مصدر لتدفق الأموال من الخارج بما يعيد شيئا من التوازن للميزان التجاري الذي تفاقم اختلاله منذ العام 1992 تاريخ الاعتماد حصرا على الاقتصاد الريعي و تدمير الصناعة و الزراعة في لبنان بعيدا عن الاقتصاد الإنتاجي .

علينا ان ندرك أننا في حرب حقيقية الآن و ان  المواجهة فيها ليست بين تجار يتنافسون على ربح مادي من أسعار سلع و خدمات يوفروها فالمسالة لبست تنافسا و احتكارا يمارسه تاجر بل هي حرب بكل معنى الكلمة تقوم على مبدا اطلقه الغرب منذ ثلاثة قرون قال فيه ان "مالك الرزق يكون مالكا للعنق و من تحكم بلقمة عيشك أخضعك بسهولة " ، مبدا اتجهت أميركا إلى  العمل به و بشراسة ذ  بعد ان عجزت  في المواجهة في الميدان رغم تقلبها في مختلف صيغ المواجهة  و استراتيجيتها  من قوة صلبة إلى قوة ناعمة إلى قوة مركبة ذكية .بعد كل هذا قررت  أميركا الحرب الاقتصادية او الإرهاب الاقتصادي تمارسه على لبنان عامة و تدعي بانها تستهدف به حزب الله فقط و هو  ادعاء كاذب طبعا ، و بعد ان بلغت المواجهة بين المحور الاستعماري الذي تقوده أميركا و محور المقاومة الذي ينتظم فيه حزب الله أوجها في لبنان و طالت لقمة المواطن و كل مفاصل حياته و معيشته و باتت محطة ممهدة للعدوان الخارجي على لبنان ، عدوان يستهدف حقوقه في الأرض و البحر و سيادته في الأجواء ، فان مواجهة عدوان أميركا و رفض الاستسلام لها باتت تشكل واجبا وطنيا يندرج في سياق الدفاع عن الوطن دفاعا يهدف إلى التحرر الاقتصادي من الهيمنة الأميركية ، تحرر لا يقل أهمية عن تحرير الأرض و الإرادة .

و التحرر الاقتصادي المطلوب هذا هو الذي يستلزم المقاومة الاقتصادية التي يجب ان يلتزم بها كل مواطن قادر على عمل ما في سياقها ، مقاومة  لا تقتصر على مسالة تحويل الإنتاج من ريعي إلى إنتاجي و السير في طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستهلاكية و الخدمات التي يحتاجها الفرد و الجماعة ، بل مقاومة  تشمل التفلت من القبضة الأميركية في اختيار الشركاء في العملية الاقتصادية و الخروج من حالة يكون فيها رضا أميركا شرط للتعامل الاقتصادي مع الخارج إلى وضع تكون  فيه "مصلحة لبنان هي المحرك لإقامة أي علاقة مع الخارج " و في حال انتقل لبنان من الأولى إلى الثانية أي انتقل من رضا أميركا إلى مصلحة لبنان ، سيجد أميركا تتراجع كثيرا عن ممارستها الوحشية للإرهاب الاقتصادي ضده ...و على لبنان  ان يملك شجاعة القرار و شجاعة المواجهة في التنفيذ و سيجد ان الأمور أهون بكثير مما كان يتوقع او يظن .

و إضافة إلى التحول في طبيعة الاقتصاد ، و التحول في اختيار الأسواق الخارجية ، هناك شرط ثالث لنجاح المقاومة الاقتصادية ، و هو شرط داخلي أداري مالي ذاتي ، يتمثل بالإصلاح الإداري و المالي و بمراجعة النظم الإدارية و المالية القائمة في لبنان و القيمين عليها، و الانتقال من التصور القائم اليوم لدى غالبية الموظفين في لبنان و من كل الفئات و الأسلاك ، تصور يتمثل بالقول  بان "الوظيفة العامة هي ملكية و استثمار " ملكية للطائفة و استثمار بيد من يتولاها ، و الانتقال إلى المفهوم لوطني لها و اعتبار " الوظيفة العامة خدمة وطنية عامة " و الموظف عامل ماجور لدى لشعب و ليس جلادا يتحكم بأموال الشعب و أعصاب أفراده .

أنها شروط ثلاثة يفترض توفرها لنجاح المقاومة الاقتصادية بالشكل الذي يعول عليه لإنقاذ لبنان وحمايته وجودا ودورا، شروط يجب ان تكون ماثلة في ذهن كل من يحاول وضع استراتيجية دفاعية للبنان، فالدفاع لا يتوقف عند تحرير الأرض ودرء الخطر الناري عليها بل يشمل كل التدابير التي تستهدف حماية الأرض ومن عليها في وجوده وحقوقه ومستلزمات عيشه وكرامته وسيادته. وبهذا نجعل الخطر الذي يشكله العدوان الأميركي على لبنان الأن والذي ينذر باسوا العواقب نجعله فرصة يصنع فيها اللبناني حبال النجاة وجسور العبور من دوائر الخطر على المصير إلى مواقع الطمأنينة للمواطن والوطن...

 


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account