عاجل

القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    تراجع أسعار الذهب عالمياً الأربعاء مع ارتفاع الدولار والتركيز على بيانات التضخم الأمريكية    انخفاض أسعار النفط الأربعاء لليوم الثاني مع زيادة مخزونات الخام الأمريكية    

حكومة دياب ومحاولات حصارها.. بقلم العميد د. امين محمد حطيط

2020-04-01

حكومة دياب ومحاولات حصارها.. بقلم العميد د. امين محمد حطيط 

 

لم يكن أحد يتوقع ان يتمكن لبنان من تشكيل حكومة تقصي الطبقة السياسية التي استأثرت بالحكم منذ 30 عام او التحقت به منذ 15 عام، حكومة تشكلت من أكاديميين واختصاصيين لم يمارسوا السياسة المباشرة بالمفهوم اللبناني، فجاؤوا الى الحكومة وزراء بغطاء من أكثرية نيابية قبلت بهم على مضض تحت عنوان "ليس بالإمكان أكثر مما كان."

 وهكذا تشكلت حكومة حسان دياب التي نالت الثقة من مجلس النواب بشق النفس، ثقة أحجم عن منحها وامتنع عن التصويت عليها او غاب عن المشاركة في التصويت عليها أكثر من نصف المجلس، لكنها ثقة حصلت عليها دستوريا على أساس الأكثرية من الحاضرين الذي يشكلون النصاب القانوني لانعقاد الجلسة وهو العدد الصحيح الذي يلي النصف من عدد النواب الذين يتشكل منهم مجلس النواب قانونا (63128) وقد كانت الثقة بهذا الحجم رسالة الى الحكومة المشكلة خارج السياق السياسي اللبناني يفهم المعنيون مضمونها.

 منذ اللحظة الأولى وجدت الحكومة نفسها امام جبل متراكم  من الصعوبات و العقبات و العراقيل الي تحول دون الانطلاق السلس في العمل و ممارسة الحكم بشكل طبيعي ، صعوبات و تعقيدات انتجتها الطبقة السياسية التي خرجت جماهير لبنانية واسعة مطالبة بأسقاطها و إخراجها من الحياة السياسية اللبنانية لانها كانت هي السبب في كل ما يعانيه لبنان من كوارث و ويلات على اكثر من صعيد خاصة الصعيد المالي و الاقتصادي ، و هو رفض كان السبب الفعال و الأكيد لوصول حكومة حسان ديب الى السلطة ، لا بل نقول انه لولا هذا الحراك الشعبي لكان مستحيلا ان نرى في لبنان مثل هذه الحكومة .و بالتالي فان وجود هذه الحكومة و بهذا الشكل شكل انتصارا للإرادة الشعبية في ممارستها المباشرة و اذعانا من الطبقة السياسية التي امتهنت الفساد والافساد و هدر الأموال و السطو على مقدرات الدولة و نهبها .

في ظل هذه الحقيقة كان على الحكومة ان تواجه الواقع المأسوي الذي يتخبط فيه لبنان، وحالة الافلاس الواقعي غير المعلن التي تعصف بالوضع المالي اللبناني من جهة، ومن جهة ثانية كان عليها ان تواجه معظم الطبقة السياسية التي اقصيت بشكل مباشر او غير مباشر عن الحكم، الطبقة التي ظنت ان قيام هذه الحكومة هي حدث مؤقت عارض عابر سرعان ما سيسقط وتسقط معه الإرادة الشعبية المباشرة لتعود هي الى السلطة على حصان ابيض كما ردد ولا زال يردد رئيس الحكومة الأخير الذي اسقطه الشارع والزمه بالاستقالة. وبالتالي قام تناقض في النظرة الى هذه الحكومة، نظرة شعبية معلنة او مضمرة وتتمثل بالقول ان هذه الحكومة هي البداية التي يجب ان يبنى عليها للاستمرار في اقصاء طبقة الفساد التي نهبت الدولة، ونظرة معاكسة تنظرها الطبقة السياسية وتقول ان هذه الحكومة هي استثناء عارض يجب ان لا يتكرر فضلا عن انه يجب ان يزول سريعا.

و الى ذلك ازداد الوضع تعقيدا في الظروف الطارئة التي واجهت الحكومة عند انطلاقتها ،اذ  و بعد اقل من 10 أيام على نيل الحكومة الثقة ،  و قبل ان تنصرف جديا لمواجهة الكارثة اللبنانية و قبل ان تشرع بوضع خطط الزمت نفسها بها قبل كل ذلك ، ظهرت جائحة كورونا فيروس ، التي ما ان اعلن عن الإصابة الأولى فيها في لبنان ، حتى رأى معارضو الحكومة فرصة لهم للتصويب عليها و اظهار عجزها عن المواجهة ، و اظهروا من المواقف ما يثير الاستهداف و الاستغراب و لا يقبله منطق و لا عقل و كان همهم ليس مواجهة الوباء بل  تهشيم الحكومة التي لم يمض على توليها السلطة أسبوعان و مع ذلك أظهرت الحكومة من الجدية و السرعة و التفاني في العمل لمواجهة الوباء مع إمكانات محدودة جدا أظهرت ما اشعر اللبناني و لأول مرة خلال العقدين الأخيرين ان لديه فعلا حكومة تتصدى للمصاعب بجدية وتبذل كل ما في وسعها للمعالجة .

نعم ونقولها بكل تجرد وموضعية ان حكومة حسان دياب نجحت حيث فشل الاخرون في مواجهة ملف بالغ الخطورة فشلت الدول العظمى في ادارته ومعالجته، نجحت نجاحا استحق الثناء من كل عاقل ومنصف وبدل ان يكون نجاحها محلا للثناء والتشجيع كان للأسف مثيرا للغيرة والحسد المستتبع المهاجمة والتهديد، وحده السيد حسن نصر الله كان واضحا ومنصفا للحكومة في الثناء عليها في هذا المجال اما الآخرون فقد تعددت وتفاوتت مواقفهم السلبية منها بين مهدد بالانسحاب من الحكومة او معترض بقوة على ادائها.

والى ملف كورنا ظهر ملفان اخران فيهما من التحدي ما شكل ازمة لن يكون تجاوزها سهلا ان لم تدعم هذه الحكومة من الجهات التي فرضت وجودها او سهلت قيامها ونيلها الثقة، الأول الملف المصرفي المالي والنقدي، والثاني الملف الإداري وما يتضمن من تعيينات الفئة الاولى في القطاع المالي هذا.

ففي الأول يطلب من الحكومة ضبط المسار ووضع اليد على تصرفات المصارف التي اقل ما يقال فيها انها تخرق القانون وتسطو على أموال المودعين عبر التدابير التي تتخذها بإرادة منفردة لا تراعي شيئا من قواعد واحكام قانون النقد والتسليف والصعوبة في معالجة الملف تكمن في مواطن ثلاثة الأول الحماية التي تمثلها الطبقة لسياسية للقطاع المصرفي في ممارسته ضد المودعين، والثاني تكتل المصارف ضد الدولة والمودعين والاستناد على تهويل بانهيار العملة والقطاع، والثالث الدعم الخارجي خاصة الأميركي للسياسية المصرفية التي تعتمدها المصارف عملا بأوامر أميركية.

وللتذكير هنا نقول ان المصارف في لبنان مارست بأشراف وإدارة حاكم مصرف لبنان سياسة النهب المنظم للمال اللبناني عبر ما اسمي بالهندسات المالية وارتكبت ما يمكن تسميته الجريمة المالية المركبة من سطو على أموال المودعين وسرقة لأموال المكلفين. فاستثمرت مال المودعين فوق ما هو مسموح به لتوظيفه في سندات الدين بفوائد عالية تفوق 7 مرات ما هو متعامل به عالميا، ولهذا تمتنع اليوم عن أداء المودعين حقهم باموالهم وتهدد الدولة مطالبة بديونها لها وتشرك الخارج في الضغط على لبنان. متناسية ان نسبة ما حققته من أرباح من مال لبناني يفوق مقدار 7 اضعاف ما تستحق في الواقع ومتجاهلة ان للبنان الحق والوسيلة التي تمكنه من استعادة المال المأخوذ خلافا للقانون.

اما في الملف الثاني، فهنا أيضا كانت ظهرت القبائح التي تمثلت بمواقف السياسيين الذين هالهم ان تتم تعينات وفقا للكفاءة والاختصاص والنزاهة والأمانة بعيدا عن المحاصصة والطائفية والتبعية وبدات مواقف التهويل على الحكومة لمنعها من السير قدما في عملية اصلاح ارادت ان تبدأها بتعيين الاكفاء في القطاع المصرفي فجاء بيان المجلس الرباعي لرؤساء الحكومة السابقين الذين يتحملون بشكل رئيسي مسؤولية ما يتخبط به لبنان من مآسي كما جاءت مواقف بعض من في الحكومة ممن لا يستطيعون الخروج من منطق المحاصصة.

ان الحكومة وتاليا لبنان امام تحدي كبير وفرصة انقاذ تكاد تكون نادرة، على الجميع استغلالها. ولهذا نرى ان هذه الحكومة بحاجة الى الدعم لتسير قدما في خططها الإصلاحية وان سقوط هذه الحكومة يعني منع لبنان من محاولة الخروج من الكارثة التي صنعتها حكومات رئسها من يهددون الحكومة اليوم ويريدون منعها من الإصلاح الإداري. فجاؤوا مع غيرهم من الطبقة السياسية الفاسدة لمحاصرة الحكومة حتى لا تعمل فتسقط ويعودوا هم الى نهب دولة التي هم افلسوها فهل يتركون؟ ام تدعم الحكومة لينجو لبنان؟ السؤال برسم الشعب اللبناني عامة واهل الحراك الشعبي الوطني المخلص المستقل خاصة.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account