عاجل

قضاة العدل الدولية تصدر بالإجماع أمرا جديدا لإسرائيل    استشهاد وإصابة عدد من المدنيين والعسكريين جراء عدوان إسرائيلي على ريف حلب    القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    

الاقتصاد الدائري.. بقلم الدكتور عامر خربوطلي

2020-03-11

الاقتصاد الدائري.. بقلم الدكتور عامر خربوطلي

للاقتصاد دوماً أوجه عديدة وأنواع كثيرة تتماهى مع التطورات العالمية والتجارب والاحتياجات، ومن هنا برز الاقتصاد الدائري الذي هو نظام اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد تستخدم الأنظمة الدائرية إعادة الاستخدام والمشاركة والإصلاح والتجديد وإعادة التصنيع وإعادة التدوير لإنشاء نظام حلقة مغلقة، مما يقلل استخدام مدخلات الموارد إلى الحد الأدنى ويخفض انبعاثات النفايات والتلوث وانبعاثات الكربون كما ويهدف هذا الاقتصاد إلى الحفاظ على استخدام المنتجات والمعدات والبنية التحتية لفترة أطول وبالتالي تحسين إنتاجية هذه الموارد يجب أن تصبح جميع النفايات مدخلاً لعملية أخرى، إما منتجاً ثانوياً أو مورداً مسترجعاً لعملية صناعية أخرى، أو كموارد متجددة للطبيعة مثل السماد وهذا النهج التجديدي يتناقض مع الاقتصاد الخطي التقليدي الذي لديه نموذج (خذ، تصنع، تخلص) من الإنتاج.

يقترح مؤيدو الاقتصاد الدائري أن وجود عالم مستدام لا يعني انخفاضاً في نوعية الحياة للمستهلكين ويمكن تحقيقه دون خسارة الإيرادات أو التكاليف الإضافية للمصنعين والحجة هي أن نماذج الأعمال الدائرية يمكن أن تكون مريحة مثل النماذج الخطية مما يسمح بالاستمرار في الاستمتاع بمنتجات وخدمات مماثلة.

يبدو أن الاقتصاد الدائري أكثر استدامة من النظام الاقتصادي الخطي الحالي فهو يعتمد تقليل الموارد المستخدمة. والنفايات الناتجة عن التسرب كما يحفظ الموارد ويساعد على تقليل التلوث البيئي رغم ذلك يجادل البعض بأن هذه افتراضات مبسطة حيث أنها تتجاهل تعقيد النظم الحالية والمفاضلات المحتملة على سبيل المثال يبدو أن البعد الاجتماعي للاستدامة لا يعالج إلا بشكل هامشي في العديد من المنشورات حول الاقتصاد الدائري وهناك حالات قد تتطلب استراتيجيات مختلفة مثل شراء معدات جديدة وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة ومن خلال مراجعة الأدبيات تمكن لفريق من الباحثين من كامبريدج وTU DELTT أن يظهروا وجود على الأقل ثمانية أنواع مختلفة من العلاقات بين الاستدامة والاقتصاد الدائري.

يمكن للاقتصاد الدائري أن يغطي نطاقاً واسعاً حيث أظهرت النتائج المستخلصة من الأبحاث أن الباحثين ركزوا على مجالات مختلفة مثل التطبيقات الصناعية مع كل من المنتجات والخدمات الممارسة والسياسات لفهم القيود التي يفرضها الاقتصاد الدائري بشكل أفضل.

يشمل الاقتصاد الدائري المنتجات والبنية التحتية والمعدات والخدمات وينطبق ذلك على كل قطاع صناعي ويشمل الموارد التقنية والفنية والمعادن والموارد الأحفورية والموارد البيولوجية والغذاء والألياف والأخشاب، والخ... حيث تدعو معظم مدارس الفكر إلى التحول من الوقود الأحفوري إلى استخدام الطاقة المتجددة وتؤكد على دور التنوع كخاصية للأنظمة المرنة والمستدامة ويشمل مناقشة دور رأس المال والتمويل كجزء من النقاش الأوسع نطاقاً وقد دعا رواده إلى تجديد أدوات قياس الأداء الاقتصادي.

أحد الأمثلة على نموذج الاقتصاد الدائري هو تنفيذ نماذج التأجير في مناطق الملكية التقليدية (مثل الإلكترونيات والملابس والأثاث والنقل) من خلال استئجار نفس المنتج للعديد من العملاء، يمكن للمصنعين زيادة إيرادات كل وحدة، وبالتالي تقليل الحاجة إلى إنتاج المزيد لزيادة الإيرادات وغالباً ما يتم وصف مبادرات إعادة التدوير على أنها اقتصاد دائري ومن المحتمل أن تكون أكثر النماذج انتشاراً.

تستخدم العمليات الصناعية الخطية (تأخذ وتصنع وتتخلص) وأنماط الحياة التي تعتمد عليها، احتياطيات محدودة لإنشاء منتجات ذات عمر محدد والتي تنتهي في مدافن النفايات أو في المحارق في المقابل تأخذ المقارنة الدائرية رؤىً من الأنظمة الحية، إنها تعتبر أن أنظمتنا يجب أن تعمل مثل الكائنات الحية وتجهيز المواد الغذائية التي يمكن تغذيتها مرة أخرى في الدورة- سواءً كانت بيولوجية أو تقنية- ومن هنا تأتي مصطلحات (الحلقة المغلقة) أو (التجددية) المرتبطة عادةً بها ويمكن تطبيق التسمية الاقتصادية الدائرية العامة على العديد من مدارس الفكر المختلفة أو المطالبة بها ولكن جميعها تتركز حول نفس المبادئ الأساسية، احد المفكرين البارزين في هذا الموضوع هو والتر ستاهيل، وهو مهندس معماري وخبير اقتصادي وأب مؤسس للاستدامة الصناعية نظراً لقيامة بصياغة تعبير (من مهد إلى مهد) على النقيض من (من المهد إلى اللحد) الذي يوضح طريقة عمل (الموارد إلى النفايات) في أواخر السبعينات عمل ستاهيل على تطوير نهج حلقة مغلقة للإنتاج وشارك في تأسيس معهد حياة المنتج في جنيف.

وفي سورية هل نحن بعيدون عن اعتماد الاقتصاد الدائري؟ لقد أدت تداعيات الأزمة التي مرت بها سورية إلى ولادة حلول دائرية مختلفة ولكنها غير مكتملة وناضجة، فهل نبدأ بشكل جدي في تحويل النفايات على سبيل المثال لمنتجات استهلاكية مختلفة وأسمدة وطاقة كهربائية والأمثلة عديدة وكثيرة.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account