عاجل

القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    تراجع أسعار الذهب عالمياً الأربعاء مع ارتفاع الدولار والتركيز على بيانات التضخم الأمريكية    انخفاض أسعار النفط الأربعاء لليوم الثاني مع زيادة مخزونات الخام الأمريكية    

لماذا برتوكول موسكو المضاف حول ادلب؟ وماذا بعده؟ .. بقلم العميد الدكتور أمين حطيط

2020-03-10

لماذا برتوكول موسكو المضاف حول ادلب؟ وماذا بعده؟ .. بقلم العميد الدكتور أمين حطيط

يسال سائل لماذا مدت روسيا اليد الى اردغان الغريق في ادلب و اريافها  و منحته فرصة جديدة للاستمرار عضوا في ثلاثية استنة الراعية لعملية البحث عن حل في سورية ، و هل كان بروتوكول موسكو المضاف الى تفاهم سوتشي ضروريا بعد طول خداع و نكول تركي و بعد  الهزيمة التي تجرعها اردغان في منطقة ادلب و بلغت ذروتها في سراقب حيث ذاق مرارة هزيمة نكراء انزلت به بحجم اذهب أحلامه و اوهامه (او هكذا يجب ان يكون ) وهل كان ضروريا ان تقوم روسيا بكل ذلك رغم علمها لا بل يقينها بان اردغان ليس من الأشخاص الصادقين الذين يؤمن لهم او يستحقون الثقة بهم بعد ان جربته خلال السنوات الثلاث الماضية و تأكدت من فشله في كل الاختبارات التي خضع لها ؟

ردا على ذلك واذا نظرنا الى المسالة من منظور عملاني ظرفي ، فان جواب الأسئلة تلك يكون سلبيا ومضمونه القول ان البرتوكول لم يكن ضروريا او ليس مقبولا في ظرفه ، فاردغان بعد معركة سراقب الثانية ظهر كليما لا بل مثخن بجراح الهزيمة و رأى أحلامه تتلاشى وتدفن مع جثث ال 270 جندي وضابط من جيشه التركي  الذين  اعترف بقتلهم في الميدان في مواجهة منظومة الدفاع  عن سورية ، ويتأكد من ان  اوهامه اختفت مع شروق شمس الحقيقة في سراقب بعد تحريرها الثاني الذي  لم يستغرق اكثر من 10 ساعات فقط نفذ فيها الجيش العربي السوري ومعه وحدات من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني معركة من اهم معارك القتال الليلي في الأماكن الآهلة، معركة اذهلت إسرائيل و اصابتها بدوار عسكري واستراتيجي عنيف نتج عن تفكيرها بما ينتظرها في الجليل عندم تدق ساعة تحريره .

نقول ان الإجابة ستكون سلبية ولميكن البروتوكول ضروريا ، لان اردغان سيستفيد منه لحفظ ماء وجهه و لن ينفذ ما تعهد به فيه  ، لان التنفيذ سيجعله في مواجهة مباشرة مع كل ما اعتقد به او ما خطط له ، او ما دخل الى سورية من اجله ، فكيف يحترم وحدة الأراضي السورية و هو الساعي للسيطرة عليها كليا او جزئيا او اقله كما صرح و اطلق المصطلح الغريب العجيب القائل ب"حدود القلب العثماني "  التي تتجاوز الحدود السياسية لتركيا القائمة حاليا و هو يريدها ان تصل لتشمل الموصل في العراق و حلب و حماة و حمص  و ادلب في سورية .و كيف ينفذ تعهده بقتال ارهابيي جبهة النصرة و هو الذي يعتبرها جيشه البديل الذي يعول عليه لتحقيق أحلامه .؟

فاردغان يحتاج من برتوكول موسكو بندا واحدا هو وقف إطلاق النار من اجل وقف العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش العربي السوري وحلفاؤه والي أدت الى تحقيق الامن لحلب ومحيطها وفتح الطريق السريع لها، M5 ويعتبر هذا التدبير أي وقف إطلاق النار غنيمة له في ظرف الهزيمة المنكرة التي انزلت به، ومن اجلها ذهب الى موسكو ودفع ثمنا باهظا من كرامته وهيبته التي ضاعت في خنادق ادلب وسراقب وفي ممرات الكرملين في موسكو بين يدي قيصرها.

هذا في لتحليل البسيط والنظر المباشر ولكن إذا دققنا في الوضع استراتيجيا نصل الى نتيجة أخرى، حيث ان لروسيا ولسورية مصلحة في هذا البروتوكول رغم تضمنه بند وقف إطلاق النار الذي أوقف عملية التحرير راهنا، حيث ان هذا البروتوكول ومع علم الجميع انه لن ينفذ منه الا بند وقف إطلاق النار وبشكل مؤقت، فيه من الإيجابيات ما لا يمكن اهماله فهذا البروتوكول:

1.  يثبت ويضمن استقرار الامن في المناطق المحررة حديثا ويمنح الوقت الكافي للجيش العربي السوري لبناء منظومة الدفاع الملائمة التي تحمي تلك المناطق، ويؤمن فتح طريق ال M5 بشكل امن واكيد ويفتح طريق M4 بشكل مقبول برعاية روسية يكون التركي شريكا في الحراسة فيها.

2.  يطوي ملف الخسائر التركية التي بلغت المئات بين قتيل وجريح، ويوقف المساعي التركية الرسمية للتحريض ضد سورية التي لا ترى في تركيا عدوا، وتميز بين تركيا الدولة والشعب وهم جيران وأصدقاء وبين اردغان الرئيس الذي يعمل بعقيدة وذهنية اخوانية ويمارس العدوان والإرهاب ضد سورية. وبالتالي سيكون وقف إطلاق النار الان مدخلا لتبريد الجرح التركي وهذا ما تريده سورية التي تنظر الى العلاقة مع تركيا استراتيجيا وموضوعيا ولا تريد عداءها.

3.  يمنح الفرصة للجيش العربي السوري وحلفاؤه لأعاده التنظيم بعد معارك الشهرين المنصرمين، وتهيئة البيئة العملانية وتسوية خطوط التماس لتكون مناسبة للعمليات القتالية المستقبلية التي ستنطلق عندما تخل المجموعات الإرهابية بقواعد مناطق خفض التصعيد ووقف إطلاق النار، او تمتنع عن الانسحاب من محيط ال M4 لمسافة 6كلم شمالي وجنوبي الطريق.

4.   يقيم فض اشتباك ميداني بين تركيا وسورية التي لا ترغب أصلا بمواجهة تركيا، ما يمكن سورية من التفرغ لمواجهة الإرهاب ويتيح لتركيا مواصلة اشغال مقعدها في منظومة استنة. وفك الاشتباك هذا كان هدفا سعت اليه روسيا للحفاظ على منظومة استنة التي لا زالت ترى فيها الآلية السياسية الوحيدة المتوفرة للوصول الى حل للازمة السورية وفقا للمبادئ الأساسية التي تراعي وحدة سورية وسيادتها واستقلالها.

اما على صعيد العلاقة الروسية التركية البينية، فان من مصلحة روسيا وبعد ان صفعت اردغان في الميدان لا بل ادبته بالنار ان تظهر له بانها لا زالت تشكل له ملاذا يطمئن اليه بعد ان خذلته اروبا واميركا والاطلسي وبعد عزلته عربيا، وان تحتضنه في لحظة هزيمته وعزلته حتى تبقيه في منطقة وسطى بينها وبين الغرب الأطلسي دون ان يكون متطرفا لصالح ذاك الحلف الذي ينتمي اليه، تقوم بهذا مع يقينها بانه لن يكون حليفها ولن يتخلى او لن يسمح له التخلي عن عضويته الأطلسية. ومع هذا يمكن ان تجعله روسيا بعلاقتها المدروسة معه اقل ضررا وأهون خطرا عليها إذا ابقت معه على هذه العلاقة التي لا تستلزم من قبلها التفريط بالعناوين الأساسية لاستراتيجيتها وسياستها او لتحالفاتها وقد يكفيها بعض التسهيلات او السلوكيات السياسية او الاقتصادية التي لا تمس بنية المنظومة الروسية الاستراتيجية.

لكل ذلك نرى ان  بروتوكول موسكو الإضافي كان ضروريا و في وقته الصحيح ، و مع هذا نرى أيضا ان هذا البروتوكول لن يصمد طويلا  و لن يستعيد ادلب ، اذ سيسقط بعد ان يؤدي دوره في فض الاشتباك السوري التركي ، و يستعيد تركيا الى منظومة استنة و يعطي وقتا معقولا للقوى العاملة في محيط ادلب للانطلاق الى وثبة التحرير القادمة ، التي ستكون حتمية  لان المجموعات الإرهابية التي تعرف ان مصيرها محتوما و انه لن يبقى لها وجود في أي شبر من الأرض السورية ،هذه المجموعات  لن تعمل بالبروتوكول و لن تنفذ شيئا منه بما في ذلك وقف اطلاق النار ، و عندما تصل خروقاتها الى الحد الذي يبرر استئناف العمليات سنرى القوات العربية السورية تستأنف التحرير الذي لن يكون الا عسكريا كما ثبت بالتجربة و البرهان خلال السنوات التسع الماضية .


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account