عاجل

القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    تراجع أسعار الذهب عالمياً الأربعاء مع ارتفاع الدولار والتركيز على بيانات التضخم الأمريكية    انخفاض أسعار النفط الأربعاء لليوم الثاني مع زيادة مخزونات الخام الأمريكية    

حارس الحديقة الارهابية الأكبر في العالم في ادلب .. ينتظر بطاقة الدم الحمراء .. بقلم نارام سرجون

2018-09-01

حارس الحديقة الارهابية الأكبر في العالم في ادلب .. ينتظر بطاقة الدم الحمراء .. بقلم نارام سرجون

أجمل الحكايات هي التي لاتهرم ولاتشيخ ولاتموت لأنها تأبى ان تبيع جسدها لأفواه المقاهي والحكواتيين .. ولكن أجمل الحكايات تهرم وتصبح قبيحة عندما تتحول أجسادها الى بيع الهوى وتقف على الأبواب تعرض لحمها مجانا لمن يريد مداعبتها .. وتعيد عرض جسدها على المسامع وتصبح عبئا حتى على الهواء الذي يحملها..
وحكايات الغرب كلها هرمت وشاخت وتقبحت واصيبت بالانهاك .. لأنها صارت بضاعة رخيصة تعيد عرض جسدها لمن يشتريها ولمن يريد مداعبتها والتسري بها والتسلي .. حكاية الديمقراطية .. وحكاية الحرية .. وحكايات حقوق الانسان .. وووو .. وكلها حكايات صار لحمها مقل لحم المومسات .. الا أنني أجزم أن أكثر حكايات الغرب ترهلا وشبها بلحم المومسات رغم كل عمليات الشد والتجميل هي الحكايات الكيماوية في سورية .. وماتحمله من حكايات التهديد والوعيد..

ويبدو ان العقل الاميريكي والغربي عموما أصيب بالانهاك في سورية وصار يمر بمشاعر المومس التي فقدت زبائنها الذين ملوا جسدها .. وهي لاتزال تظن ان اعادة عرض اللحم والرقص والتمايل ستعيد لها مجدها الغابر وتعيد شهية الرجال اليها .. وهذا يتجلى في متابعة ماينتجه مطبخه الاعلامي فهو منذ فترة ليست بالقصيرة يعيد طبخ الكلام الذي نقعه في نفس البهارات ويعيد سكب نفس الحساء في نفس الأطباق.. ويعيد دعوة نفس المدعوين الذين دعاهم الى ولائمه كلها .. والذين لاتزال رائحة الطعام القديم لاتزال تتبخر من أفواههم وجشاءاتهم ولم يتح لهم الوقت للراحة لهضم ماازدردوه..

فمنذ بداية الحرب على سورية .. والغرب لايتوقف عن دعوتنا الى حفلات البكاء والصراخ والدموع على المدنيين السوريين واللاجئين والمعاناة الانسانية .. ومنذ عام 2013 والغرب يوزع الكمامات الواقية من الاسلحة الكيماوية على اعضاء مجلس الأمن في نيويورك لأن الغازات السامة التي يضرب بها الجيش السوري وصلت الى نيويورك..

واليوم اذا ماأغلقنا عيوننا ونحن نسمع التصريحات الغربية عن الكارثة السورية واللاجئين الذين سيدفعون ثمن تحرير ادلب .. وعن توقعات الهجوم الكيماوي لأحسسنا أننا دخلنا آلة الزمن التي عادت بنا الى زمن أوباما صاحب فكرة الأيام المعدودات .. واننا نستمع الى نفس الحكاية التي تمر بجسدها المترهل والمتعرق والزنخ علينا .. ونشم نفس رائحة الطبخ القديم في مطابخها وفي صحونها ومن أفواهها..

الغرب يدرك تماما أن قرار تحرير ادلب لم يوضع اليوم بل انه كان على الخريطة في آخر زيارة للرئيس الأسد الى روسيا .. لأنها صارت الحديقة الارهابية الأكبر في العالم والغرب يدرك أنه صار يلعب في الوقت الضائع .. وأن كل الروايات والحكايات المكررة والكلمات التي ذاب معدنها من كثرة الانزلاق على نفس الكلمات لن تجدي شيئا ولن تغير القدر القادم الى الشرق .. ولكن الأميريكي وعلى طريقة لاعبي كرة القدم في الوقت الضائع يأمل ان يسجل هدفا ما .. وكل الضجيج حول ادلب لايزال سببه ماوضع تحت الطاولة من طلبات ومساومات اعادة الاعمار والترتيبات بشأن اسرائيل وايران وحزب الله .. فنهاية ادلب تعني ان التركيز السوري سيتوجه الى المنطقة الشرقية .. وسيناريوهات المنطقة الشرقية لاقبل للاميريكيين بها .. وسيخرج الاميريكيون منها هرولة من دون أي مكاسب أمنية لاسرائيل التي بدأت مع الغرب مشروع الربيع العربي لاخراج سورية من سورية فاذا بالمشروع ينتهي بايران وسورية وحزب الله في سورية على حدود فلسطين..

والقرار الاميريكي بدفع الامور الى التصعيد في ادلب لايشبه في تكراره الا الحكايات التي يبدأ بها عن الأزمات الانسانية والسلاح الكيماوي .. قرار يشحن بالتصريحات ويحمل بالأثقال ليبدو ثابتا وليس خفيفا .. وغايته بيع وشراء ومقايضة وبيع تذاكر دخول .. انها مقايضات ترامب الشهيرة .. الذي يريد أن يبيعنا تذاكر دخول الى ادلب من باب التجارة والشطارة والمقاول الذي يحول كل مافي يديه الى مشاريع يبيعها في المفاوضات السياسية .. فيصبح دخولنا الى ادلب عبر تذاكر تبيعها أميريكا ويصبح خروج الاميريكي من الشرق السوري ايضا تذاكر وبطاقات يبيعها ويكسب حتى من خروجه من أرضنا تعهدات وضمانات واستثمارات..
اللعب في الوقت الضائع متوقع من الاميريكيين الذين لاشك يجب نمتدح اصرارهم وعدم يأسهم حتى الثانية الاخيرة من المباراة .. الذي قد يفاجئ الجميع هو أن الهدف في الثانية الأخيرة سيسدده السوري وحلفاؤه في المرمى الاميريكي .. من حيث لايحتسب .. ونحن لم ندفع ثمن اي تذكرة لدخول أراضينا .. منذ الجولان وحتى لواء اسكندرون .. لم نقبل على الاطلاق طوال عقود أن ندخل أرضنا بشراء تذاكر من اللصوص والمحتلين كما هي بطاقة كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو (بطاقة دخول الى سيناء ووادي عربة والضفة الغربية باعتها اسرائيل للسادات والملك حسين وياسر عرفات بثمن باهظ ليدخلوا أرضهم)..

التذكرة الوحيدة التي تدفعها الامم لتدخل اراضيها هي تذكرة الدم .. وهي تذكرة يملكها السوريون الوطنيون في عروقهم ويحملونها في شرايينهم .. ويدفعون من أوردتهم ثمن اي دخول الى أرض يملكونها كما لو أن أوردتهم هي بطاقات ائتمان حمراء .. وعندما يدخلون أرضهم بتذاكر الدم لايتوجد قوة على الأرض تخرجهم منها أو يحق لها أن تطلب منهم الخروج منها .. فالطابو والملكية لأي أرض ليست تذكرة دخول مؤقت من لص .. بل الطابو الاحمر الذي كتبه الدم الاحمر .. وأما من يشتري بطاقات الحرية والتحرير مثل المعارضين العرب كما لو انه يحضر فيلما للسينما ويأكل البوشار ويشرب المرطبات فانه سيخرج من القاعة عندما ينتهي العرض .. .. ومن يشتري بطاقات الاستئلال والحرية والحئيئة من أميريكا مثل اللبنانيين وغيرهم فانه يدخل ويشاهد ويخرج مع المتفرجين عندما ينتهي العرض وتنتهي صلاحة التذكرة التي دفعها .. وحدها بطاقات الدم لاتنتهي صلاحيتها .. وهي صك ملكية الى الابد..

غدا سنذهب جميعا الى الحديقة الجوراسية الارهابية في ادلب .. وعندما يقف حارس الحديقة الاميريكي في طريقنا يريد ان يبيعنا تذكرة دخول الى أرضنا .. سنرفع في وجهه بطاقة حمراء .. من دمنا الذي نزف منذ ثماني سنوات .. وهي في لغة اللاعبين في الوقت الضائع تعني الطرد لمن ترفع في وجهه .. وسندخل عنوة الى أرضنا .. ومن دخل ارضه باستئذان لن يكون جديرا بها .. ولاتحق له .. بل هي من أملاك من يبيع تذاكر الدخول اليها..


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account