عاجل

مياه الشرب تهدد الأميركيين بـ"أمراض خطيرة"    هل زودت تركيا إسرائيل بالمعلومات لصد الهجوم الإيراني ؟    الميادين: نيران من لبنان باتجاه هدف عسكري في محيط عرب عرامشة    

كيف سقطت الرهانات في سورية.. بقلم: محمد فياض

2018-07-23

تضافرت جهود كبيرة في الغرب. وتقاطعت خطوط التماس مع عواصم إقليمية وعربية لصياغة أكبر مشروع تدميري إمبريالي عرفته البشرية. تجاوزت هندسة صياغاته من حيث عدد الدول المشاركة وأجهزة الاستخبارات وحجم التمويل كل ما رصدته العدوانية البشرية للحربين الأولي والثانية. وتوجهت عقول الشر إلى الأرض العربية السورية. وبينما لكل حرب معاركها. ولكل معركة أدواتها وميدانها وبالتالي الأهداف التي بتحققها يمكن أن تكون المعركة كحلقة من حلقات الحرب قد وصلت لغايتها التي تسلم الميدان إلى الحلقة التالية.. إلى واحدة من معارك الحرب لتحقق غايتها ليحدث التراص النهائي لمنتوجات المعارك. فيتمكن طرف من أطراف الحرب إعلان الوصول بالحرب إلى الغاية النهائية منها..
وعلى حسب الغايات تتشكل الفرق وتتوزع المهام. وفي الحالة السورية كانت لزاما الحرب الكونية ضد سورية. لعشرات السنين لم تتزحزح الإرادة العربية السورية قيد أنملة عن جبهة المقاومة. ولم تنحرف البوصلة الرسمية عن حزمة من الثوابت أزعجت وبقسوة الصهيوامريكية..من هذه الثوابت أن العدو هو إسرائيل. و أن الأراضي المحتلة لن تعود بدون القتال المسلح.. وأن فلسطين عربية من النهر إلى البحر.. وأن دعم المقاومة في كل الأراضي المحتلة فريضة وطنية واجبة.. وأن المشروع العروبي يرقى في ترتيب الأولويات على كل ما تم استحداثه ليكون بديلاً. مثل المشروع الإسلامي_ الذي لعلاقة للدين الحنيف به_ .وكذلك مشروع الشرق الأوسط الكبير.. أو الجديد. ومشروع الليبرالية والعولمة..
لقد فطنت الذهنية العربية السورية إلى كل هذه البدائل التي قام معسكر العدو بإعدادها ليقيمها على جثة المشروع العروبي وأخطاره المؤكدة على بقاء إسرائيل..ولما للمشروع العروبي من قدرة جامعة للعروبة والإسلام معا..
وبعد اصطياد الأستاذ أنور السادات بمفرده خلوا ووحيدا دون وجود أو حتى استشارة رفقاء المعارك ضد إسرائيل..وبعد توالي نصب الشباك لإدخال عواصم الأمة حظيرة السمع والطاعة بل والعمالة..ولدى أمريكا وبعد انفرادها بالعالم كبلطجي مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تتسيده إسرائيل..ولم يعد هناك رافض ومقاوم إلا دمشق ومحور المقاومة..وبعد فشل الحرب على لبنان وهزيمة واشنطن في الثمانينيات من القرن الماضي..وتكرار هزيمة ربيبتها تل أبيب وتأديبها بمعرفة قوات حزب الله اللبناني..
لم يكن أمام الغرب الصهيوني سوى إعداد العدة وتوزيع الأدوار والتكاليف..واستفاد جيداً الغرب في إعداده للحرب الكونية ضد سورية من مواقف العواصم وقد تم تجريبها وردة فعلها في كل إعتداء إسرائيلي على قطعة من لحم الأمة..وتم ابتلاع العراق وسط تصفيق ومشاركة ومباركة وسداد فاتورة الحرب من خزائن النفط..فكان لهذه العواصم الدور الرائد في الحرب على سورية..بكل أنواع الدعم من دفع تكاليف جمع المرتزقة من شتى بقاع الأرض وتدريبهم وتسليحهم ونقلهم إلى أرض المعركة.. أرض المعارك حيث الحدود السورية كلها مع الجيران..وكانت درعا هي إشارة البدء..ومن الطبيعي أن تبدأ في درعا والقنيطرة حيث الإحتماء والاستقواء بجيش الاحتلال الإسرائيلي..
وتم تجريب كل الطرق لدفع دمشق إلى عقد اتفاق سلام_ استسلام_ مع تل أبيب لتسلك إسرائيل سكتها وتمرح في كامل المنطقة.. إلا أن دمشق أبت..
ووجدت واشنطن أن المنطقة دانت ولم يبق إلا سورية العصية رغم إحتلال الجولان..ورغم اعتلال الإقتصاد والمسألة الإجتماعية والتقنية بالتالي.. وإن لم يخف على.سي أي إيه.ان سورية تتعافى..بل وصلت حد الكفاية في صناعة غذائها..وبلغت من القدرة على ممارسة عبقرية الإستغناء عن مايسمونه بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي..وباتت غير

مدينة بدولار واحد لأحد...وتحت ضغط عدم القدرة الغربية على إذلال دمشق ومحور المقاومة..وتحت أيلولة الحاجة الصهيونية إلى استصدار القرار بحتمية إزاحة سورية بالقوة..و تعاطيا مع نتائج الحرب التي قادتها أمريكا خارج نطاق الأمم المتحدة في العراق والدروس المستفادة منها كان لزاما الحرب.. وبكتائب ومرتزقة الإرهابيين والمجرمين من شتى بقاع الأرض..وتصورت أمريكا أن جمع مرتزقة من أكثر من ثمانين دولة وفتح خزائن عواصم الخليج على مصراعيها للتمويل بدون أسقف محددة.. وإجبار الخليج على دفع عشرات المليارات إلى أنظمة دول إقليمية تحت بند السمسرة لتمرير الأفراد والسلاح وفتح الحدود مع سورية والقيام بدور كبير في توجيه المعارك الإرهابية ضد الجيش العربي السوري الذي_ وبالخطيئة_ كانت حساباتهم أن إنهياره مؤكد وخلال عدة أسابيع من بدء أولى معارك الحرب..والتي ذهبت أمريكا إلى تشغيلها وإدارتها والإستثمار فيها بهدف ضمن حزمة من الأهداف هو تأكيد قيادتها المنفردة بالعالم في ظل تعافي روسيا وسعيها إلى إستعادة دورها في إحداث التوازن الدولي ومعها الصين لإعادة العلاقات الدولية إلى الإحتكام لميثاق الأمم المتحدة. لكن الجيش العربي السوري فاجأهم جميعاً..والقيادة العروبية في دمشق لقنتهم درسا في الصمود الأسطوري الذي تحول من تكتيك إلى استراتيجية تحقيق النصر..من جبهة إلى جبهة..وكانت الإدارة الذكية للقائد بشار الأسد ومحور المقاومة في معارك الحرب وخيارات ميادين القتال المسلح وتهاوي الجماعات المحلية المسلحة والتنظيمات الإرهابية التي جاءت من كل قارات العالم لتركيع سورية والأسد تلقي بظلالها على المشوار الدبلوماسي في جنيف واستانا وسوتشي وموسكو.. حتى في قمة هلسنكي بين بوتين وترامب والحوار القطبي بينهما كانت انتصارات الجيش العربي السوري الأسطورية حاضرة تفرض ملفات وتستبعد أخرى..تضع خطوطا حمراء في العلاقات الدولية في مابعد الإعلان النهائي لانتصار سورية عما كانت عليه تلك العلاقات قبل منتصف مارس 2011 . وإعلان دمشق استقلال قرارها وقوة عزمها على المضي قدماً نحو تحرير كل شبر من الأراضي السورية وعدم الخضوع في ممارسة حقها في استكمال الحرب وحلقات المعارك فيها لأية مواءمات أو توازنات..تنطلق الذهنية العربية السورية فقط من حسابات وطنية وعروبية..ووضح هذا جليا لكل ذي عينين..لكل متابع لزيارة نتنياهو إلى موسكو يطلب ضمانة روسية من عدم ذهاب الأسد وجيشه العربي السوري ومحور المقاومة بعد الانتصار في دوما وتأمين العاصمة.الى الجنوب..وتم تحريض ملك الأردن على التصريح الموتور بأنه_ الأردن_ سيزحف إلى دمشق إن اقترب الجيش العربي السوري من الوصول إلى الحدود السورية الأردنية..وماهي إلا ساعات ويقف الجيش السوري على البوابة بالبوط العسكري السوري..وتسقط المجموعات الإرهابية التي كانت تعتبرها الدول التي حاكت خيوط الحرب الكونية ضد سورية من البداية مدعومة بقوة لاقبل لسورية بها.. مرتزقة عسكر أمريكا وبريطانيا وفرنسا وتل أبيب وقاعدة غرفة الموك في الأردن... وأذهلت الانتصارات السريعة في الجنوب معسكر العدو وأربكته.. الأمر الذي دعا أن تأمر واشنطن بحتمية نقل أكثر من 800 فرد من فريق الخوذ البيضاء وعائلاتهم سرا وتحت جنح الظلام من الجنوب السوري إلى الأردن لترحيلهم إلى كندا أو بريطانيا أو ألمانيا..وتحت إشراف الأمم المتحدة.. الجميع في هذه الحرب الكونية الفاشلة ضد سورية تم استعرائه بمعرفة الجندي السوري..لم يسقط الأسد..وكان الرهان الأول..وسقطت زعاماتهم..ولم يسقط الجيش العربي السوري وسقطوا بمرتزقتهم..ولم يتم المضي في تقطيع المنطقة وكان هدفا يتحقق فور الإنتهاء من سورية المقاومة العروبية العنيدة.. فلماذا سقطت كل الرهانات في سورية..؟؟ . إن ذات الأسباب التي أدت إلى هيجان الغرب الصهيوني والأمريكي ودعوة أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية ودعوة العواصم الإقليمية والعربية للاتفاق على حتمية الذهاب إلى تدمير سورية بالقضاء على جيشها والأسد... إن ذات الأسباب التي دفعتهم بجنون إلى الحرب على سورية هي ذاتها أسباب الانتصارات السريعة التي ارعبتهم.. تمسكت سورية في الحرب وهي تديرها من معركة إلى أخرى بذات حزمة الثوابت..العدو هو الصهيونية والإمبريالية.. الأرض المحتلة فريضة وطنية وعروبية واجبة تحريرها من دنس المحتل.. فلسطين عربية من النهر إلى البحر.. بناء الجيش العربي السوري وتسليحه وتطوير التعليم وصناعة الغذاء لحد الكفاية ويزيد..غلق أبواب الاستدانة من الصندوق والبنك الدولي للحفاظ على استقلال القرار الوطني..دعم دمشق القتال المسلح ضد إسرائيل..ثبات البوصلة نحو القدس وكامل فلسطين التاريخية.. ذاتها أسباب الحرب على سورية..كان التمسك بها دون أدنى تنازل هو ذاته أسباب الإنتصار.. وأسباب سقوط الرهانات في سورية.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account