عاجل

القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    تراجع أسعار الذهب عالمياً الأربعاء مع ارتفاع الدولار والتركيز على بيانات التضخم الأمريكية    انخفاض أسعار النفط الأربعاء لليوم الثاني مع زيادة مخزونات الخام الأمريكية    

كيف تعالج الحالة الانفصالية في كردستان العراق؟ .. بقلم العميد أمين حطيط

2017-09-28

كيف تعالج الحالة الانفصالية في كردستان العراق؟ .. بقلم العميد أمين حطيط

 

اما وقد نفذ إقليم كردستان العراق الاستفتاء حول الانفصال عن الدولة الام، وأخرجت نتيجة تقرب من الاجماع على طلب الانفصال، فان أسئلة خطيرة باتت تواجه العراق والمنطقة والعالم حول هذا الحدث وعن القرار التالي الذي سيعقبه والتداعيات التي ستترتب عليه.

في البدء لا بد ان نذكر بان المسالة الكردية هي مسالة إقليمية – دولية تتعدى في واقعها وتأثيرها العراق الى دول اخرى ثلاث حيث للأكراد وجود بحجم لا يستهان به بدءا بتركيا التي يشكل الكرد خمس سكانها (17 مليون) الى إيران التي يشكل الاكراد عشر سكانها (8 ملايين) الى سورية التي يشكل الاكراد ما يكاد يصل الى عشر السكان (مليونين) بالإضافة طبعا الى اكراد العراق (5 ملايين تقريبا) فتلامس الكتلة الكردية في كامل الإقليم ال 32 مليونا تقريبا.

اما الإقليم الجغرافي للأكراد المتواجدين في الدول الأربع فهو إقليم متصل تجزئه الحدود السياسية بين الدول التي يقيمون فيها وتجمعهم جغرافيا واحدة ذات طبيعة جبلية في معظمها فيها ثروة نفطية وثروات طبيعية أخرى لا يستهان بها فضلا عن اتصالهم بشرايين الماء الرئيسية الاثنين دجلة والفرات. لكن هذا الإقليم لا يتصل باي منفذ بحري على أي من البحار الثلاثة القريبة منه (قزوين – الأسود – المتوسط) ما يجعله إقليما داخليا واهنا عرضة للحصار لعدم اتصاله بفضاء او مياه دولية ويكون اتصاله بالخارج رهن بقرارات الدول الأربع الانفة الذكر.

وبالتالي ومهما قيل عن دعم خارجي فان اجماع الدول الأربع على رفض الحالة الانفصالية للأكراد في العراق او في أي من الدول الأربع، من شانه ان يجعل أي كيان مسقل للأكراد فيها كيان غير قابل للحياة مهما كان الدعم الخارجي له، وبالتالي ان المدخل الرئيسي لمد الإقليم الانفصالي بأسباب الحياة هو احداث ثغرة في الطوق الإقليمي حوله (على الأقل دولة واحدة) وهذا لا يبدو حتى اللحظة متوفرا اقله في الظاهر المعلن مع خشية لدى البعض بان يكون في الخفاء ما يثير ريبة الاخرين.

 لكننا ووفقا للمعطيات الظاهرة وللرفض القاطع من الدول الاربع لكيان كردي انفصالي نقول بان هذا الكيان الذي يسعى اليه مسؤولون في إقليم كردستان العراق هو كيان غير قابل للحياة وهنا يطرح السؤال: اذن لماذا يصر أصحاب الشأن على ارتكاب حماقة يعلمون انها لن تقوم عمليا بشكل صحيح وتستمر؟

من تابع مجريات ما قبل الاستفتاء و ما اظهرته الوقائع اثناء الاستفتاء ، يجد ان العملية و خطة الانفصال  برمتها انما هي  قرار صهيوني اتخذته إسرائيل متكئة على قرار أميركي معلن منذ عقد تقريبا تضمن خطة لتقسيم العراق الى ثلاث دول ( كردية و سنية  شعيه ) يكون مقدمة لتقسيم دول غربي اسيا الأخرى خاصة سورية و السعودية و لانشاء دول الطوائف و الاثنيات المتناحرة التي تريح إسرائيل وتجعلها مديرة للصراعات بدل ان تكون طرفا مباشرا فيها اذن ان الغاية الاساسية من العلمية الانفصالية الكردية ليست إقامة دولة للأكراد تكون نواة لدولة ال32 مليون كردي ، بل هي مدخل الى عدم استقرار المنطقة و دفعها الى نزاعات تديرها إسرائيل كما ادار برنارد هنري ليفي الاستفتاء الفلكلوري المحدد النتائج سلفا في 25ايلول الجاري .

اذن ان الخطة الإسرائيلية المتقاطعة والمستندة الى الخطة الأميركية القائمة على نظرية "الفوضى الخلاقة " المعلنة منذ العام 2006 ، و المتضمنة الية تقسيم المنطقة ، ان هذه الخطة ترمي الى استمرار الحرب الإرهابية التي شنت على المنطقة منذ العام 2010 بعد ان فشلت تلك الحرب في اسقاط المنطقة ، و تأتي أيضا تطبيقا لما جاء في المفهوم الاستراتيجي للحلف الأطلسي المعول به منذ العام 2010 و النافذ حتى العام 2020 و الرامي الى انتاج الازمات و الصراعات في منطقة الشرق الأوسط واداراتها دون فتح جبهات تلزم الحلف بزج الجيوش التقليدية فيها .

امام هذه الحقيقة يطرح السؤال الكبير كيف يكون على الدول الأربع المعنية مباشرة بالأمر ان تتصرف دفاعا عن ذاتها ووحدتها وامنها واستقرارها واستقرار المنطقة؟

في العلم العسكري يكون الدفاع ناجحا إذا تمكن المدافع من معرفة اهداف المهاجم ومنعه من تحقيقها، وفي القضية الراهنة ان هدف المعتدي واضح وهو زج المنطقة في الفتن ودفعها للصراعات واسقاطها وتدميرها وقتل شعوبها بأيدي أبنائها (يخربون بيوتهم بأيديهم) دون ان تتحمل إسرائيل او اميركا أي كلفة او ثمن في ذلك.

لهذا يكون الدفاع المجدي الناجح متمثلا في عدم الدخول في الصراعات ومنع تشكل البيئة التي تستدرج المنطقة اليها. اما التطبيق والتنفيذ فانه يكون على وجه من اثنين لا ثالث لهما:

1)   العمل العسكري الحاسم، والذي بمقتضاه تساهم الدول الاربع بتشكيل قوة عسكرية ملائمة لمعاجلة الحالة الانفصالية الكردية في شمال العراق وقطع الطريق على الحالة الانفصالية التي تتشكل برعية أميركية في سورية، عملية تكون بمثابة حرب استباقية لدفع الخطر الانفصالي عن إيران وتركيا. عملية عسكرية تزج فيها القوى الكافية والمركبة من جيوش تقليدية من الدول الأربع وقوى عسكرية رديفة اثبتت جدواها في العراق وسورية، ويكون الجميع بقيادة عراقية احتراما لسيادة العراق وقطع الطريق على أي أحلام إقليمية للتوسع والهيمنة. ويجب ان تكون العملية سريعة تحسم الأمور فيها بأيام لا تعطي مجالا لتدخل دولي مهما كانت طبيعته.

2)   العمل غير العسكري من الخارج، مع تشجيع الرفض الداخلي. وهذا يعني العزل والحصار والمقاطعة المنسقة بين الدول الأربع وهو امر سهل يسير من شانه ان يخنق الكيان الانفصالي ويدفع سكانه للثورة ضد الطبقة السياسية العميلة للصهيوني واسقاطاها خاصة وان رئيس كردستان مسعود البرزاني موجود في السلطة الان بشكل غير شرعي بعد مضي سنتين على ولايته الاصلية وعندها يتم اختيار قيادة سياسية كردية وطنية وحدوية ترفض الانفصال.

ان أحد هذين الحلين كفيل بمعالجة الخطر لداهم ، وشرطه السرعة في المبادرة والسرعة في التنفيذ المنسق ، فخطر الكيان الانفصالي الكردي لا يقل عن خطر الحرب الإرهابية التي استهدفت سورية والعراق و المنطقة ان لم يكن اشد، ما يستوجب لقاء الدول الأربع مباشرة او غير مباشرة والمسارعة للعمل المنسق دونما ابطاء والا وقع المحظور وعندها سننتظر 7 سنوات أخر ان لم يكن أكثر من سنوات القتال وعدم الاستقرار في غربي اسيا كلها ومنها الى دول الجوار الافريقي والاسيوي ايضا تضيع خلالها  كليا قضية فلسطين و ثبت إسرائيل نفسها قائدة للمنطقة وفقا لما حلم به شمعون بيرس في طرحه الشرق الأوسط الجديد .


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account